( لأن هذا قد ختمه الله الآب ) يو 6 : 27
لم يكن هناك من يساعدنى فى إعداد القربان لقداسات الصوم اليومية ، فالكنيسة ناشئة
صغيرة ، فلا خدام ، ولا شمامسة ، ولا مبنى كنيسة بل مكان مستأجر ، ولهذا أعددت
مكانا بالمنزل خصصته للقداسات اليومية ، وكنت أتمتع ببركة عمل القربان والحمل
وحدى يوميا .
جائتنى سيدة شابه وبيدها ختم قربان قدمته لى قائلة : ( هذا الختم لم يعد له مكان بمنزلى يا أبونا ، أنت تتعب فى عمل القربان اليومى فهو لك ، أنت تستحقه ) .
أشكرك عزيزتى ، إنه ختم دقيق الصنع ، ومكتوب على ذراعه بدقة بالغة : " حفر وتصميم أرمانيوس بسالى الصايغ بكوم سعيد الشرقى - أبوتيج عام | 1938 " ، إنه تحفة فنية .
ردت بمحبة عهدتها فيها : ( أنت تستحقه يا أبانا ، لا يحمل هذا الختم إلا من أحب القربان وتعب فى عمله يوميا ، دعنى أحكى لك قصته ) ، ثم راحت تحكى :
كان أبونا المتنيح القمص بشارة كاهن قريتنا يحب القداسات جدا ، وفى شيخوخته لم يسترق الراحة رغم كهولته ووهن صحته ، فراح يعد الحمل بنفسه للقداسات اليومية بعد أن إمتنع القرابنى أن يعده متعللا بذات السبب ، فقد كان شيخا متقدم فى السن أيضا ، فما كان على قدس أبونا إلا أن يستيقظ مبكرا ويقوم بالعمل مصليا مزاميره مستعينا بعون القدير ، ومؤازرته ، وفى ذات يوم ، وبينما هو يصلى وبيده ختم القربان هذا يختم به الحمل ، طرق الباب بطرقات متلاحقة لاهفة شديده ، فتح بابه مستغربا من يأتيه فى هذا الوقت المبكر من فجر النهار ، ولماذا التلهف والطرق الشديد ، لابد أنه أمر خطير !! ، وما فتح الباب حتى إنعقد لسانه من هول المفاجأة !! ه
لقد كان الطارق هو جاره المشلول منذ سنوات طويلة ، والذى إعتاد أبونا أن يزوره يوميا ليقدم له التناول ، كان طريح الفراش فإذا به الآن يقف على قدميه وكله حيوية ، تعانقا طويلا ، وإمتزجت دموعهما فرحا ، فيالها من مفاجأة غير متوقعه بالمرة ، ماذا حدث ؟ تساءل الكاهن الوقور بعد أن هدأ قليلا من هول المفاجأة .
لقد كنت راقدا على فراشى المعتاد لسنوات كما تعلم يا أبى ، رد الرجل بين دموعه ، كنت بين الصحوة والنوم ، فإذا بالسيد المسيح له المجد واقف أمامى فى صورة نورانية جميلة أضاءت ظلام حجرتى ، ربت على ساقيا المشلولتين بيده ، أحسست يده الإلهية تسرى على ساقى المشلوله بعد أن فقدت الإحساس بها سنوات طوال ، وقال لى بصوت هامس حلو ( قم إنهض من فراشك ، لقد إكتملت سنوات تجربتك ، أنت الآن معاف صحيح ) ، وكأن كلماته الإلهية أمر أطاعته خلايا قدمى وأعصابى المشلوله ، فوجدت نفسى واقفا ( أدب ) بقدمى على الأرض غير مصدق نفسى !! ، جريت وراء السيد وهو يغادر حجرتى : لا ، لا ، لا تتركنى يا سيدى ، أرجوك أن تبقى معى ، أنت حلو جميل وكم أشتاق أن أظل ناظرا وجهك الإلهى عمرى كله ...
رد يسوع : ( حبيبى ، دعنى أمضى الآن ، عندى زيارة لأبونا بشارة ، إنه يتعب فى عمل القربان يوميا ، دعنى أذهب لأساعده .... ) ، وهنا قفز الذى كان مشلولا ، صارخا :
" أبونا ، يسوع الآن معك بالداخل يساعدك فى عمل القربان
، أنا أثق فيما أقول ، أتركك الآن معه ولا أعطلك ، سلام يا أبى ... "
نظرت إلى السيدة الشابة ويدها ممدوده تقدم " ختم القربان لى " ، هذا ختم قربان جدى أبونا بشاره ، خذه عندك يا أبى ، أنت أولى به ، فيسوع ختم به قربان جدى ، وهو اليوم معك ، أنا لا أشك مطلقا أنه معك
0 التعليقات:
إرسال تعليق