القدِّيسَةُ تَكلا أولى الشَّهيدات وصورة لديرها بسوريا
وُلِدَت تَقلا وعاشَت في مَدينَةِ أيقونيَة عاصِمَةُ ليكأونيَة. ومِن أشرافِ تِلكَ المَدينَةِ الوَثَنيَّةِ، وأجمَلِ بَناتِها خَلقًا، وأكرَمِهِنَّ خُلُقًا، وأنبَلِهِنَّ عاطِفة. وكانَت ذات عَقلٍ ثاقِبٍ، شَديدَةَ الرَّغبَةِ في العُلومِ والمعارِف. فانكَبَّت على الدَّرسِ، وَبَرَعَت في عِلمِ الفَلسَفَةِ الوَثَنِيَّةِ وفي حُسنِ الخَطِّ والشِّعر. وَكانَت فَصيحَةَ اللِّسانِ، يزينُ عِلمَها وفَصاحَتَها احتِشامٌ بَليغ، كَما قالَ القِدِّيسُ ماتوديوس وَقَد خُطِبَت وعُمرها 18 سَنَة لأميرٍ وَثَنيٍّ شابٍّ اسمهُ تاماريوس لا يَقُلُّ عَنها شَرَفًا وَجاهًا وَنَسَبًا.
تَكلا تِلميذَةُ بولُسَ الرَّسول
وَكانَت تَقلا على هَذِهِ الحالِ حينَما خَرَجَ القِدِّيسُ بولُسَ الرَّسول مِن إنطاكيَة وَوَصَلَ إلى أيقونيَة في جَولَتِهِ الأولى الرَّسوليَّة ( اع 14: 1 – 6) نَحوَ السَّنَةِ الـ 45 م. فَبَشَّرَ اليَهودَ والأُمَمَ بِإِنجيلِ الرَّب. سَمِعَت تَقلا وَعظَهُ مِن نافِذَةِ بَيتِها، فتأثرت بتعاليمِهِ الَّتي يُبَشِّرُ بِهِت، فآمَنَت بالمَسيحِ وصارَت البِنتُ البِكرُ لِبولُسَ الرَّسول وأحَبَّت البكارَةَ والبَتولِيَّةَ وزَهَدَت بالزَّواج. واعتَمَدَت وَنَذَرَت لله بتولِيَّتَها لِكَي تَتَفَرَّغَ لِعِبادَةِ سَيِّدِنا يَسوعَ المسيح على أَكمَلِ وَجه.
خدمتها لبولس في السجن
ولمَا رَأَت الرَّسولَ مُرشِدَها مَسجونًا لِكَونِهِ مَسيحِيًا باعَت حالاً ما لهَا مِنَ الحُليِّ الثَّمينَةِ لِكَي تُغيثَهُ في ضيقِه.
ضغوط والدتها
لاحَظَت والِدَة تكلا التغيير في حَياةِ ابنَتها، أذ لَم تَعُد تِلكَ الفتاةَ المرحَةَ الطَّروبَ السَّاعِيَةَ وَراءَ زينَتِها الشَّغوفَةَ بالظُّهور، ولَم تَفهَم مَعنى ذلِكَ. فَسَأَلَتها: “مِن أَينَ لَكِ هَذا الإِحتِشامُ الجَديد وَكَيفَ انِفتِ ورَفضتِ التَّزيُّنِ بالحُلى خِلافًا لِجَميعِ العَذارى وأَلِفتِ الوِحدَةَ والإِنفِرادَ وَالصَّلاة؟ أجابَت تِلكَ الإِبنَةُ الحَكيمَة: “إِنِّي مُنذُ سَمِعتُ تَعليمَ الدِّيانَةِ المَسيحيَّةِ استَنَرتُ بِأنوارِ حَقائِقِها السَّاطِعَة وَتَحَقَّقَتُ بُطلانَ عِبادَةِ الأَوثان. فَأَسأَلُ الله أن يَصنَعَ بِكِ كما صَنَعَ بي”. وَلمَا فاتَحَتها بِأَمرِ الزَّواجِ المُزمِعِ أن يُكمَّلَ رَأَت مِنها إِعراضًا وَتَمَنُّعًا، وَقالَت لهَا إِنهَّا وَقَفَت للرَّبِّ يَسوعَ بتوليَّتها فَصارَ مِنَ المُستَحيلِ أن تَرتَبِطَ بِزواجٍ
الاستشهاد
ثارت والدَتِها فَعَمِلَت على إقناعِها، وأَخَذَت تَتَضَرَّعُ إلَيها. لكنَّها لاصطَدَمَت بِثَباتٍ عَجيبٍ وَإِرادَةٍ جَبَّارَة وطارَ رُشدُها، إذ رَأَت في اغضاءِ ابنَتِها عَن عَريسِها مَساسًا بِكَرامَتِها. فآثَرَت مَوتَ تِلكَ الإِبنةِ على أن تَتَعَرَّضَ لإِحتِقارِ النَّاس وازدِرائِهِم لهَا وَلِكَلامِها وَمَواعيدِها.
0 التعليقات:
إرسال تعليق