الحشمة في المسيحية
الحشمة في المسيحية
+++++++++++++
"أُريد... أنّ النساء يزيِّن ذواتهن بلباس الحشمة... كما يليق بنساء متعاهدات بتقوى الله..."(1 تيم 2: 9 – 10).
هذا ما أوصى به الرسول بولس تلميذه تيموثاوس في شأن معالجة موضوع لباس
النساء في أفسس. هؤلاء كان لباسهن خارج حدود الحشمة وسبباً لإثارة البلبلة
في صفوف المؤمنين. هذا استدعى تنبيهاً واضحاً ليكون كل شيء في كنيسة المسيح
"بلياقة وترتيب" (1 كور 14: 40). وما يُقال عن النساء يُقال عن الرجال أيضاً حيثما كان المظهر ناقص الحشمة.
إنّ موضوع اللباس لا يخصّ المؤمنين والمؤمنات فقط ، يلبسون ما يحلو لهم،
وفق أذواقهم، بل يخصّ الكنيسة أيضاً. طبعاً لنا أن نختار لبس ما نشاء،
الكنيسة لا تحدّد لنا ما نلبس بالتفصيل، ليس عندنا في الكنيسة لباس شرعي،
الأمر متروك لإحساس المؤمن وضميره وذوقه، لكنْ توجب علينا الكنيسة، ونقول
"توجب" لأنّ الصيغة التي يورد الرسول بولس كلامه فيها هي صيغة الفرض. يقول
"أُريدُ" ولا يقول "أتمنّى" أو "أقترح". إذاً توجب علينا الكنيسة أن نلتزم
الحشمة معياراً للّباس والمظهر بعامة. يتكلّم على "لباس الحشمة". والحشمة ،
هي الحياء، وفي اللغة اليونانية، لفظة "إيذوس"، المقابلة للحشمة، تعني
"الإحساس بالحياء والرزانة والوقار".
هناك، إذاً، مسؤولية في اللباس
تجاه الكنيسة ينبغي أن تُؤخذ في الاعتبار. أولاً الحشمة تعبير عن التزام
المؤمن والمؤمنة تقوى الله. لا تكون تقيّاً إذا ما فرّطت بجانب الحشمة في
لباسك ومظهرك. وثانياً إذ يُفترض أن تعكس الحشمة ما في النفس من تقوى الله
يعطي المؤمنون والمؤمنات، بالتزامها، مثلاً صالحاً في الوقار والرزانة
وألاّ يجرحون الإحساس بالحياء لدى الآخرين ، ويُحدثون بينهم تشويشاً
ويكونون عثرة لهم. وثالثاً التفريط بالحشمة يُدخل في صفوف الجماعة روحاً
غريباً يحرِّك أهواء غير نقيّة في النفوس. علينا أن ندرك أنّ التغاضي عن
الحشمة يعني، حتماً، اقتبال الفجور. السلوك بدون حشمة هو سلوك بروح الزّنا.
هذا قد نعيه وقد لا نعيه. قد نقصده و قد لا نقصده ! كما تعكس المرآة وجه
مَن يقف مقابلها يعكس بعض الناس روح الزّنا وهم لا يعلمون. يظنّون أنّ ما
هو شائع بين الناس مقبول ومُشرَّع. هذه هي الموضة كما يدّعون. ما هو خطأ
يبقى خطأ ولو انتشر بين الناس. إذا ما شاع الفساد بين الناس فهذا لا يعني
أنّه بات مسموحاً لنا أن نتبع الناس في فسادهم بل أن ننتبه ونحرص حرصاً
أشدّ على ألاّ نقع في ما هم واقعون فيه.
بالنسبة لنا، هناك غرضان نسعى
إلى تحقيقهما من خلال ما نتّشح به من لباس. أولاً اللباس هو لتأمين الدفء
المناسب للجسد وثانياً لتغطية الجسد. طبعاً هذا يمكن أن يترافق وبعض الزينة
المختارة بذوق . المهم أن تكون الزينة هادئة لا صارخة، تبعث الهدوء وشيئاً
من الفرح في النفس، في نفس المتزيِّن والرائي معاً. هذا لا يُحدَّد
بقانون، لكن الإنسان السالك بمخافة الله، بصدق وأمانة، توحي له مخافة الله
بما يليق وبما لا يليق ، بما يناسب وبما لا يناسب. قلنا اللباس هو لتغطية
الجسد لأنّ الجسد ليس للكشف. فقط الوجه هو للكشف. الناس يتواصلون بالوجوه
واللسان. لا يتواصلون بالأجساد. التواصل بالأجساد، من خلال كشفه أو إبراز
نتوءاته، ككشف الوسْط و ...........الخ وما إلى ذلك، هذا يجعل الناس،
بطريقة إيحائية، يدخلون في حوار من الفجور. وحده الوجه هو الموضع الذي
يتجلّى فيه الإنسان. لذلك وحده حوار الوجوه هو المقبول. والوجوه ليست برسم
الزينة بالماكياج ولا الشَعر إلاّ ما كان خفيفاً وهادئاً ولا يغيِّر
الملامح الطبيعيّة الأساسيّة للرأس حتى لا نوجد مسيئين إلى الخالق التي
خلقنا على الصورة التي نحن عليها. أما الجمال الذي ينبغي أن نعوّل عليه
ونعمل على اقتنائه فهو جمال الفضيلة " القلب الداخلي " الجمال الحقيقي هو
الذي يأتي من داخل الإنسان وينعكس في وجهه. الإنسان الذي يقتني روح الرّبّ
هذا يستنير وجهه و قلبه و عقله ويصير بهيّ الطلعة. أما التركيز على الجمال
الخارجي فهو تجميل ، و مَن كان قلبه جميلاً هذا لا يحتاج ولا يخطر بباله أن
يجمِّل نفسه. فقط مَن يحسّ، في قرارة نفسه، بأنّه غير مقبول ويريد أن يوهم
الآخرين بأنّه جميل يسعى إلى تجميل نفسه. نقول هذا و بإعتدال فإن كان لا
بدّ من الزينة فلتكن بسيطة هادئة و بإتزان .
هذه هي نظرتنا إلى اللباس
لأنّ الجسد عندنا هو هيكل للروح القدس و نحن لسنا أحرار في تصرّفنا
بأجسادنا. الكلام الكتابي في شأن الجسد هو هذا: "كل الأشياء تحلّ لي لكن
ليس كل الأشياء توافق... ولكنّ الجسد ليس للزّنا بل للربّ والربّ للجسد...
ألستم تعلمون أنّ أجسادكم هي أعضاء المسيح... اهربوا من الزّنا... أم لستم
تعلمون أنّ جسدكم هو هيكل للروح القدس الذي فيكم الذي لكم من الله وأنّكم
لستم لأنفسكم... فمجِّدوا الله في أجسادكم وفي أرواحكم التي هي لله" (1 كو
6: 12 – 20). والرسول بطرس يوصي: "أيّها الأحبّاء، أطلب إليكم كغرباء
ونُزَلاء أن تمتنعوا عن الشهوات الجسديّة التي تحارب النفس" (1 بط 2: 11).
وعن إساءة استعمال الحرّيّة يقول الرسول بولس: "أيّها الإخوة... لا
تصيِّروا الحرّيّة فرصة للجسد بل بالمحبّة اخدموا بعضكم بعضاً" (غلا 5:
13)+++
0 التعليقات:
إرسال تعليق