القديس أبيفانيوس أسقف سلاميس: سيرة - تعاليم - أقوال *
أولًا: سيرته
1- نشأته
2- حياته الديرية
3- سيامته كاهنًا
4- سيامته أسقفًا
5- فضائله
6- رحلاته
7- نياحته
أهم أعماله
1- الإنسان الثابت (أنكوراتوس)
2- البناريون
3- عن الأوزان والمقاييس
4- الأثنا عشر حجرًا ثمينًا
5- الرسائل
ثالثًا: الأعمال المنسوبة إلى أبيفانيوس
1- محب الطبيعة
2- تقسيم لسفر نشيد الأنشاد
3- العظات
4- أنافورا أبيفانيوس
5- أعمال منحولة أخرى
رابعًا: الفكر النسكى للقديس أبيفانيوس
من أقواله
خامسًا: اللاهوت في فكر القديس أبيفانيوس
أولًا: سيرته:
1- نشأته:
* وُلد حوالي عام 315 م. بقرية بجوار مدينة اليوتروبوليس بفلسطين من والدين يهوديين.
* توفى والده وترك معه أخت فقامت بتربيته في حياة تقوية.
* حدث وهو سائر في الطريق أنه أبصر فقيرًا يطلب صدقة من أحد الرهبان، وإذ لم يكن مع هذا الراهب مالًا خلع ثوبه وقدمه للفقير. رأى أبيفانيوس كأن حلة بيضاء نزلت من السماء على ذلك الراهب عوض الثوب، فتعجب من ذلك، وأنطلق إلى الراهب يسأله عن إيمانه وحياته. التقى به أكثر من مرة وقبل الإيمان المسيحي وأعتمد، كما اشتاق إلى الحياة الرهبانية.
2- حياته الديرية:
* لكي يتهيأ لدراسة الكتاب المقدس تعلم العبرية والقبطية والسريانية واليونانية واللاتينية، لذا دعاه القديس جيروم: "صاحب الخمسة ألسنة". وإذ كان محبًا لحياة النسك والتأمل ترك فلسطين إلى مصر حوالي عام 335 م. ليلتقي بمجموعة من النُساك والرهبان قبل اعتزاله في دير بالإسكندرية.
* التقى بالقديس أنبا أنطونيوس وتتلمذ على يديه فترة من الوقت ليعود من مصر إلى فلسطين وينشئ ديرًا في اليوتروبوليس تحت إرشاده لمدة حوالي 30 عامًا وكان حازمًا جدًا مع نفسه حتى إذا سأله أحد تلاميذه كيف يحتمل هذا النسك الذي يفوق قوته، أجابه: "الله لا يهب ملكوت السموات ما لم نجاهد، وكل ما نحتمله لا يتناسب مع الإكليل الذي نجاهد من أجله".
* بجانب نسكياته الشديدة القاسية وعبادته التي لا تنقطع كرس وقتًا لدراسة كتب العلامة أوريجانوس، وإذ لاحظ أخطاءه أنقلب ضده بعنف شديد حتى حسبه رأس كل بدعة في الكنيسة، وصار له دوره الفعال في إثارة الكثيرين ضد أوريجانوس، بل استطاع فيما بعد أن يغير اتجاه القديس جيروم من عاشق لأوريجانوس بكونه عطية الله للكنيسة إلى مقاوم عنيف له بكونه شيطانًا ضد الحق.
3- سيامته كاهنًا:
* إذ شعر أسقف المدينة بدور القديس أبيفانيوس لابين الرهبان فحسب وإنما وسط الشعب الذي التف حوله يطلب إرشاداته وبركته، سامه كاهنًا لكي تزداد المنفعة به على مستوى كل الكنيسة في المدينة.
* التقى أيضًا بالقديس إيلاريون (هيلاريون) الذي تنسك في مايوما بفلسطين، وتكونت صداقة عظيمة حتى ترك إيلاريون المنطقة بسبب تجمهر الناس حوله.
4- سيامته أسقفًا:
* يبدو أن القديس هيلاريون الناسك عندما هرب إلى قبرص من جمهرة الناس حوله، جاء إليه الأساقفة والكهنة مع الشعب بقبرص يطلبون بركته فتحدث معهم عن القديس أبيفانيوس وحياته النسكية وفضائله مع علمه وغيرته على الإيمان المستقيم. وإذ تنيح أسقف سلاميس بجزيرة قبرص، أكبر كرسي في الجزيرة في ذلك الحين، أُنتخب أبيفانيوس أسقفًا وسيم بغير إرادته عام 367 م. وقد بقى أمينًا في خدمته لمدينته الأولى يفتقدها من وقت إلى آخر.
5- فضائله:
* أتسم القديس أبيفانيوس بغيرته الشديدة وحزمه بخصوص الإيمان المستقيم مع حب شديد فائق للفقراء، حتى لم يكن يترك في الأسقفية أحيانًا شيئًا قط.. ومع ذلك فقد كان الله يرسل له الكثير جدًا ليوزعه. منحته الأرملة القديسة أولمبياس أراضٍ ومالًا لهذا الغرض.. ولعل محبته للفقراء قد نبعت عن إنها هي علة قبوله الإيمان المسيحي كما رأينا.
* قيل أن تلميذه طلب منه مرة أن يضع حدًا لهذا العطاء إذ لم يعد معهما شيء وإذ انتهى التلميذ من حديثه تقدم إنسان غريب قدم كيسًا به ذهب سلمه للأسقف واختفى في الحال.
* جاء في سيرته أن أحد المخادعين جاء يسأله صدقه لتكفين صديقه الذي مات، فأعطاه المال، وهو يقول له: أعتن به يا أبنى بدفن هذا المسكين ولا تضيع الوقت في البكاء عليه، فأن رفيقك لا يقيمه بكاؤك، وليس له دواء إلا الصبر.. أخذ الطماع المال وذهب لصديقه ليقيمه فوجده قد مات حقًا!!
* إذ شعر بعض الغنوسيين بقدراته ومواهبه واشتياقاته أرادوا كسبه فأرسلوا إليه بعض النساء الزانيات ينصبن له فخاخًا لكنه بنعمة الله لم يسقط فيها، من هنا ندرك السبب الذي لأجله كرّسّ طاقاته للرد على الهراطقة أيًا كانوا ومقاومتهم أينما وجدوا.
6- رحلاته:
أ- قام برحلة عام 376 م. إلى إنطاكية ليسعى لتوبة الأسقف فيتاليس الذي تبع أبوليناريوس.
ب- وبعد ستة أعوام اصطحب القديس بولينوس أسقف أنطاكية إلى روما ليحضرا مجمعًا عقده الأسقف داماسيوس.
ج- في عام 392 م. نزل أيضًا ضيفًا على القديس يوحنا أسقف أورشليم وفيما هو في استضافته إذ وقف يتكلم في الكنيسة التي للقبر المقدس هاجم مستضيفه لأنه متعاطف مع أتباع أوريجانوس، أنضم إليه جيروم في بيت لحم الذي رده عن حبه لأوريجانوس إلى مضاداته، وصارا يهاجمان الأسقف يوحنا بعنف... غير أنه يبدو أنه قد تصالح أخيرًا مع القديس يوحنا دخل أيضًا في صراع شديد مع القديس يوحنا الذهبي الفم بالقسطنطينية لأنه قبل الأخوة الطوال الذين جاءوا من مصر وهم أتباع أوريجانوس، الهاربين من اضطهاد البابا ثاوفيلس الإسكندري بسبب تعلقهم بأوريجانوس.
7- نياحته:
* تنيح القديس أبيفانيوس في طريق عودته من القسطنطينية إلى قبرص حوالي عام 403 م. تذكره الكنيسة في يوم نياحته 17 بشنس وفي نقل جسده 28 بشنس.
ثانيًا: كتابات القديس أبيفانيوس:
* بحسب القديس جيروم، كانت أعمال أبيفانيوس "يقرأها المتعلم بشغف بسبب مادتها، وأيضًا البسطاء، بسبب لغتها" ولابد أن نتذكر أن هذا حكم من صديق يكن لأبيفانيوس توقير وكرامة عظيمة، ليس هناك أدنى شك في أن كتابات أبيفانيوس تظل عميقة وقيُمة لأنها تحفظ الكثير من الفكر والحقائق البالغة الأهمية لتاريخ الكنيسة وللاهوت كذلك لها أهميتها الكبيرة في إعادة تجميع الكثير من المصادر التي فُقدت خاصة أعمال القديس إيريناؤس أبو التقليد الكنسي وهيبوليتس.
* وبحسب هول تعد لغة أبيفانيوس مثالًا جيدًا للهجة الكيني اليونانية الشعبية، وهذا يفسر لنا سبب محبة الناس لقراءة أعمال القديس أبيفانيوس كما أخبرنا المؤرخ الكنسي جيروم، والسبب في بذل محاولات كثيرة لحفظ أهم أعماله، إذ أن أنتاجه الأدبي يعتبر مساويًا في الحجم لإنتاج أعظم لاهوتي جيله، وشهرته بين آباء القرن الرابع ترجع إلى عملين من أكبر أعماله: أنوكراتوس والبناريون وكلاهما يهدف إلى تفنيد ودحض الهرطقات.
أهم أعماله
1- الإنسان الثابت (أنكوراتوس):
* كتبه في عام 374 استجابة لطلب مسيحي Syedra في بمفيلية والذين كانوا يعانون من هرطقة أعداء الروح القدس، والكتاب يقدم للقارئ مرساة الإيمان كي يثبته ويحصنه وسط عواصف الاضطهادات، ورغم أن الكتاب يهتم اهتمامًا خاصًا بعقيدة الثالوث القدوس وبوجه أخص بعقيدة الروح القدس، إلا أنه يعتبر خلاصة وافية للعقيدة الكنسية، ويمكن أن يقارن هذا العمل المؤسس على الكتاب المقدس والتقليد.
2- البناريون
* ويعرف عادة باسم "الهرطقات" والعنوان اليوناني يجد تفسيرًا له في اهتمام الكاتب بتقديم ترياق لهؤلاء الذين لدغتهم حية الهرطقات، وأن يحمى ويحصن هؤلاء الذين ظلوا أتقياء، في إيمانهم، والكتاب يتناول ثمانين هرطقة، العشرون الأولى منها تنتمي لعصر ما قبل المسيحية وهى البربرية والهللينية بمدارسها الفلسفية المختلفة، واليهودية بكل طوائفها وشيعها، أما أول الهرطقات المسيحية فهي هرطقة بطرس ماغوس وآخرها هرطقة المساليين، ويختتم الكاتب عمله بتقديم ملخص لإيمان الكنيسة الجامعة الرسولية.
3- عن الأوزان والمقاييس:
* لا يتفق هذا العنوان مع محتويات الكتاب الذي كُتب في القسطنطينية نحو عام 392 وأرسل إلى كاهن من بلاد فارس. فهذا العمل هو الصورة الأولى لقاموس الكتاب المقدس. يتناول في القسم الأول منه شريعة وترجمات العدد العهد القديم ويتناول في القسم الثاني الأوزان والمقاييس الكتابية. ويتناول في القسم الثالث جغرافية فلسطين.
* وقد نشر de Legarde نسخة سريانية تحوى العمل كله، بينما لم يتبقى من الأصل اليوناني إلا القسم الأول وجزء من القسم الثاني، وهناك مقتطفات في نسخات أرمنية.
4- الأثنا عشر حجرًا ثمينًا:
* كتب أبيفانيوس عمله عن "الاثنيّ عشر حجرًا ثمينًا" الذين يُوضعون في صدرة رئيس الكهنة في العهد القديم، في عام 394 استجابة لطلب ديودور الطرسوسي، ويقدم الكاتب تفسيرًا رمزيًا للأحجار ويصف استعمالها الطبي ويرى أنها ترمز إلى أسباط إسرائيل الاثني عشر، ومع أن الأصل اليوناني قد فقد عدًا شذرات منه إلا أن هناك نسخة جورجية حفظت لنا النص كاملًا، كذلك أكثر من نصف العمل محفوظ في ترجمتين أرمنية ولاتينية، بجانب بعض المقتطفات بالقبطية والأثيوبية.
5- الرسائل:
* حُفظت اثنتان من رسائل أسقف سلاميس في ترجمة لاتينية. أحداهما إلى يوحنا أسقف أورشليم والأخرى إلى القديس جيروم، وهما وثيقتان تختصان بجهاد أبيفانيوس ضد الأوريجانية، وقد ترجم جيروم رسالة أبيفانيوس إلى أسقف أورشليم إلى اللغة اللاتينية، وهذه الترجمة توجد ضمن رسائل القديس جيروم باسم الرسالة الواحدة والخمسين، وسرعان ما انتشرت هذه الرسالة وأثارت نقدًا شديدًا، وإذ أُتهم جيروم بأنه عدل الأصل وطوره، دافع عن ترجمته في رسالته إلى باماكيوس "عن أفضل طريقة في الترجمة"، والتي أوضح فيها أنه ينوى أن يقدم "معنى مقابل معنى وليس كلمة مقابل كلمة".
* ويذكر جيروم في مقدمة كتابه "حياة هيلاريون"، رسالة قصيرة كتبها أبيفانيوس عن فضائل هذا القديس الذي تنيح في قبرص عام 371 م. ولم يتبق شيء من رسائل أبيفانيوس إلى البابا سيريكيوس التي وصف فيها يوحنا الأورشليمي بأنه هرطوقى، كذلك لم يتبق شيء من رسائله التي أرسلها للرهبان المصريين محذرًا إياهم من يوحنا الأورشليمى، ولدينا ترجمة لاتينية قام بها جيروم لرسالة أرسلها له أبيفانيوس، وتعرف باسم الرسالة الـ91 من رسائل جيروم، وقد كتبت في نهاية عام 400، لذا يبتهج فيها بانتصاره على الأوريجانية الذي حققه المجمع الذي عقده البابا ثيوفيلس، وقد أرفق بها أبيفانيوس نسخة من الرسالة المجمعية، وحث جيروم على أن يستمر في عمله في ترجمة الوثائق الخاصة بالجدال الأوريجاني إلى اللاتينية، وقد أرسل أبيفانيوس رسالة أخرى لجيروم في هذا الخصوص، لكنها فقدت.
ثالثًا: الأعمال المنسوبة إلى أبيفانيوس:
1- محب الطبيعة:
* أهم الأعمال المنسوبة لأبيفانيوس هو التنقيح اليوناني لكتاب "محب الطبيعة" أو "العالم بالطبيعة" وهو يتكون من مجموعة من القصص الرمزية العجيبة، ويُرمز فيها للحقائق المسيحية بسلوك وعادات الحيوانات، وهكذا، يُرمز لفداء المسيح للبشرية بالصليب، بطائر البجع الذي يطعم أبنائه بإراقة دمه هو، واسم العمل يأتي من الكلمات الأولى في كل قصة " يقول محب الطبيعة....."
2- تقسيم لسفر نشيد الإنشاد:
* هناك نسخة لاتينية تنسب لأبيفانيوس تفسير سفر نشيد الإنشاد بينما كاتبه الحقيقي هو فيلو من كاربيسيا في قبرص.
3- العظات:
* تُنسب إليه خمس عظات، وكذلك مقتطفات من تفسير لسفر التكوين والإنجيل لوقا في مخطوطة من سنة 1750، كما تُنسب إليه عظة عن القيامة، لكن يرى بعض العلماء أنها لفم الذهب ويرى بعض آخر أنها مأخوذة من عظة للبابا ألسكندروس بطريرك الإسكندرية.
4- أنافورا أبيفانيوس:
* بين صلوات الأنافورا في الليتورجيا الأثيوبية، توجد أنافورا anavora تُنسب لأبيفانيوس نشرها العالم S. Eyrunger من مخطوطتين في برلين، وهى صلاة ليتورجية موجهة إلى الابن.
5- أعمال منحولة أخرى
* يُنسب إلى القديس أبيفانيوس كتاب صغير عن أماكن ميلاد ودفن كل الأنبياء والرسل والتلاميذ، وهو بالتأكيد مزيف إذ أنه من مصدر يهودي مع إضافات مسيحية متأخرة.
كذلك يُنسب إليه كتاب "عن الأسرار الكثيرة".
رابعًا: الفكر النسكي للقديس أبيفانيوس:
من أقواله:
* "قال القديس أبيفانيوس عند نياحته: لا تحبوا أمور الزمان الحاضر فتستريحوا في الدهر الأتي، تحفظوا من لذات العالم، فلا يقوم عليكم وجع الشيطان".
* أيقظوا قلوبكم بذكر الله، فتخف قتالات الأعداء عنكم.
* فيقول: "أن الجهل بما في الكتب المقدسة جرف عظيم السقوط وهوته عميقة".
* "أنه من الضروري اقتناء، الكتب المسيحية عند من يقدر على ذلك، لأن مجرد رؤيتها تجعلنا بعض الشيء، متكاسلين نحو الخطية وتحثنا على العودة إلى البر أكثر".
"إن قراءة الكتب المقدسة ضمانة عظيمة للهرب من الخطية".
* "أنها خيانة عظيمة للخلاص أن لا نعرف ولا ناموسًا واحدًا من النواميس الإلهية".
وعن صلوات السواعي والتسبيح الدائم يقول القديس:
* " داود النبي كان يصلى دون تحديد وقت، وينهض للصلاة في نصف الليل ويتضرع إلى الله قبل السحر، وفي السحر كان حاضرًا، وعند المساء ونصف الليل كان يتوسل إلى الله، لهذا السبب كان يقول "سبع مرات في اليوم سبحتك" (مز 164:118).
* وحدث أن قال رئيس دير في فلسطين -تابع لأبارشية سلاميس- للقديس أبيفانيوس: "بصلواتك لم نهمل قانوننا إنما تقيم الساعة الثالثة والسادسة والتاسعة بحماس كبير" أما هو فقال لهم: "من الواضح أنكم تهملون ساعات النهار الأخرى طالما أنكم تتوانون عن الصلاة، لأن الراهب الحقيقي ينبغي أن يحوى الصلاة في قلبه على الدوام".
* أرسل القديس أبيفانيوس إلى الأب إيلاريون يستعطفه ويقول: "دعنا نرى بعضنا قبل خروجنا من الجسد، فلما التقيا فرحًا جدًا، ولما جلسا للطعام دُفعت إليهما دجاجة فتناولها الأسقف وأعطاها للأب إيلاريون، فقال إيلاريون: سامحني يا أخي، لأني منذ أخذت الإسكيم لم أكل مذبوحًا، فقال له الأسقف: إنما أنا منذ أخذت الإسكيم لم أترك أحد ينام وفي قلبه علىّ شيء، ولا أنا نمت وفي قلبي شيء على أحد (مت 23:5 مر 25:11) فقال الأب إيلاريون: سامحني يا أخي لأن فضيلتك أعظم من فضيلتي".
* سُئل أبيفانيوس: هل يكفى بار واحد لاستعطاف الله؟ فأجاب: نعم لأنه قال (طوفوا في شوارع أورشليم وانظروا واعرفوا وفتشوا في ساحاتها هل تجدون إنسانًا أو يوجد عامل بالعد طالب الحق فأصفح عنها) (أر 1:5)
* إن خطايا الأبرار تقترن بالشفاء، أما خطايا الأشرار فتقترن بالجسد كله، لأجل هذا يقول النبي داود (أجعل يا رب حارسًا لفمي وبابًا حصينًا لشفتي) (مز 3:14) وأيضًا (أنا قلت سأحفظ طرقي لئلا أخطئ إليك (مز 2:28).
* سُئل القديس أبيفانيوس لماذا تكون الوصايا الناموسية عشرًا والتطويبات تسعًا؟ فأجاب: "الوصايا العشر مساوية في العدد لضربات المصريين، أما التطويبات فهي صورة ثالوثية للثالوث القدوس".
* ويقول أبيفانيوس: "إذا كانت صورة المسيح، أي ملكي صادق، قد باركت أصل اليهود أي إبراهيم، فكم بالحري المسيح نفسه الذي بارك كل الذين يؤمنون به ويقدسهم".
* "الكنعانية تصرخ فيُسمع لها، والنازفة الدم تصمت فتُطوب، لكن الفريسي يصرخ فُيدان، والعشار لا يفتح فاه فيُستجاب له" (مت 21:15-28، مت 2:9-22، لو 9:18-14).
* "الله يمنح الخطاة رأس المال عندما يتوبون، كما هو الحال مع الزانية والعشار ولكنه من الأبرار يطلب الفائدة، وهذا ما قاله للرسل (إن لم يزد بركم على الكتبة والفريسيين لن تدخلوا ملكوت السموات) (مت 2:5)".
* "بالرخص الشديد يبيع الله البر للذين يبادرون إلى شرائه بقطعة خبز صغيرة، وثياب وضيعة، وكأس ماء بارد، وبفلس واحد".
* "عندما يقترض الإنسان من إنسان مالًا، إما بسبب الفقر أو لسعة أكبر، ويرد الدين ويقر بالمعرفة، إنما يفعل ذلك خفية لسبب الخجل، أما الله السيد فيفعل العكس إذ يقترض في الخفاء ويرد أمام الملائكة ورؤساء الملائكة والأبرار".
خامسًا: اللاهوت في فكر القديس أبيفانيوس:
* أهتم القديس أبيفانيوس اهتمامًا خاصًا بالدفاع عن تعليم الكنيسة السليم في مواجهة بدعة أريوس، وإذ كان القديس أبيفانيوس معلمًا أرثوذكسيًا مبنيًا على الكتاب المقدس وتقليد كنيسة الرسل، لذا كانا مرجعه وعُدته في التصدي للبدع والهرطقات، وقد أكد على أهمية تقليد الكنيسة المقدس بقوله: "ولكن بالنسبة للكلمات الإلهية كلها، ليس هناك احتياج لشرح بأمثال وتشبيهات لكي نفهم المعنى، ولكن ما نحتاجه هو الدراسة والفهم لنعرف معنى كل عبارة، ولابد أن نرجع إلى التقليد لأنه لا يمكننا أن نتعلم كل شيء، من الأسفار المقدسة، لذا سلم الرسل القديسون أمور معينة كتابة، وآخرون سلموا بالتقليد كما قال القديس بولس "كما سلمتها لكم" (1كو 2:11).
* واستخدم أسقف سلاميس لفظ "لاهوت - ثيئولوجيا" في دفاعياته عن تعليم الكنيسة الثالوثي ومن ثم يقول في كتابه "خزانة الدواء - البناريون": "نحن لا نؤله العالم لئلا نُحسب أغبياء، بل بالحري نمجد الثالوث: ثالوث الابن مع الآب وروحه القدوس الذي يفوق الطبيعة كله"
* فركز على سمو الثالوث القدوس وعظمته التي لا ينطق بها ومن ثم دحض بدعة أريوس الهرطوقى الذي علم بأن الابن مخلوق.
* ويقوم دفاع أبيفانيوس على أساس أنه إذا كان الثالوث مزيجًا من عناصر إلهية وأخرى مخلوقة، فلا يمكن عبادته على أساس تحريم الوثنية وعبادة الأصنام في (خر 15:2، وتث 6:15) ويمكن أيضًا عرض دفاعه بطريقة عكسية أي أنه إذا كان الثالوث معبودًا وجب أن يكون الثالوث هو الله.
* وأكد القديس أبيفانيوس على التريصاجيون تسبحة الثلاث تقديسات، أي التسبحة الثلاثية التقديس التي يرددها الشاروبيم بغير سكوت، ولا يفتر السيرافيم عن تسبيحها ويعتبرها أبيفانيوس الذكصولوجية والتمجيد الأسمى لله المثلث الأقانيم، ويقول في كتابه "الإنسان الثابت - الانكوراتوس":
* " يشدو الملائكة المتضعون في السماء بترنيمة الغلبة والخلاص ممجدين مع الشاروبيم والسيرافيم الثالوث في مجد واحد وصوت واحد وجوهر واحد قائلين "قدوس قدوس قدوس" مؤلفين ثلاثة أصوات ولكنها تتحدث في وحدة وليس في تعددية، لأنهم لا يقولون قدوس رابعة، كما لو كان شيء قد أضيف إلى الثالوث وهم لا يرددون التقديس ثلاث مرات كما لو كان مجد الكمال الإلهي ناقصًا، لكن ثلاثًا ليقدسوا بنفس الكرامة الآب والابن والروح القدس.
* أيضًا هم لا يقولون "قدوس وشبه قدوس" لكنهم يرددون "قدوس" ممجدين بنفس القدر معًا وبصوت واحد وكلمة واحدة وكمال واحد: "ثالوث في واحد وواحد في ثالوث".
_____
(*) المرجع:
1- القديس أبيفانيوس أسقف سلاميس أنطون فهمي جورج
2- قاموس آباء الكنيسة (أ) القمص تادرس يعقوب
0 التعليقات:
إرسال تعليق